ما هي أهمية التقارير الطبية للمحكمة؟ وكيف يتم إصدارها في السعودية؟

في العديد من القضايا الجنائية والمدنية داخل المملكة العربية السعودية، تُعتبر التقارير الطبية للمحكمة أداة قانونية محورية، سواء لتحديد المسؤوليات، أو لتقييم الأضرار، أو لفهم ملابسات الحوادث بشكل دقيق. هذه التقارير ليست مجرد أوراق طبية، بل وثائق قانونية لها وزنها في سير القضية. في هذا المقال، نوضح ما المقصود بالتقارير الطبية للمحكمة، ومن يصدرها، وما الحالات التي تتطلبها، بالإضافة إلى شروط اعتمادها من الجهات القضائية.

أولًا: ما المقصود بالتقارير الطبية للمحكمة؟

التقارير الطبية للمحكمة هي تقارير رسمية تُعد من قبل أطباء مختصين، بهدف عرض الحالة الصحية لمصاب أو مريض تعرّض لإصابة لها علاقة بقضية قانونية. يتم إعداد هذه التقارير بطلب من الجهات القضائية مثل النيابة العامة أو المحاكم، وتُستخدم كدليل طبي يساعد في اتخاذ القرار القضائي المناسب.

تتضمن هذه التقارير:

• وصفًا دقيقًا للإصابة أو الضرر.

• ظروف الحادث كما تم الإبلاغ عنها.

• نتائج الفحص الطبي.

• التوصيات الطبية الخاصة بالعلاج أو الحاجة لمتابعة تخصصية.

• المدة التي يُحتمل أن يتعطل فيها الشخص عن ممارسة حياته الطبيعية.

ثانيًا: من يحق له إصدار التقارير الطبية للمحكمة؟

بحسب التعليمات الرسمية، لا يمكن لأي طبيب إصدار تقرير طبي لأغراض قضائية. بل هناك شروط وتفويضات محددة يجب توفرها، مثل:

ويجب أن تتم المعاينة بحضور المريض في المستشفى، بعد إثبات هويته، وإجراء الفحص السريري الكامل، وتوثيق كل ما يُلاحظ فعليًا.

ثالثًا: ما الحالات التي تتطلب تقارير طبية للمحكمة؟

هناك عدة أنواع من الإصابات أو الوقائع التي تستدعي إعداد تقارير طبية قضائية، من أبرزها:

1. حوادث السير: خاصة في حالة وجود إصابات بالغة أو خلاف حول من يتحمل المسؤولية.

2. الاعتداءات الجسدية: كالمشاجرات أو استخدام الأسلحة البيضاء أو النارية.

3. الإصابات الناتجة عن الإهمال: سواء في بيئة العمل أو نتيجة خطأ طبي.

4. الاعتداءات الجنسية: وهي من أكثر الحالات التي تتطلب دقة في كتابة التقرير.

5. الحروق التي تغطي أكثر من 20% من مساحة الجسم.

6. الحالات التي يُشتبه بأنها مفتعلة أو جنائية في طبيعتها.

كما يمكن أن تطلب المحكمة تحويل المصاب إلى لجنة طبية متخصصة أو طبيب شرعي، في حال كانت مدة التعطيل المتوقعة تزيد عن 20 يومًا، أو في حال وجود عجز دائم.

رابعًا: ما شروط قبول التقرير الطبي في المحكمة؟

حتى يكون التقرير مقبولًا في المحكمة، يجب أن يتضمن عددًا من الشروط والإجراءات الرسمية، مثل:

في حال الإخلال بأي من هذه الشروط، يحق للجهات القضائية الاعتراض على التقرير أو طلب تقرير آخر.

خامسًا: هل يمكن الاعتراض على التقرير الطبي المقدم للمحكمة؟

نعم، يمكن لأي طرف في القضية الاعتراض على التقرير الطبي، ويتم النظر في الاعتراض من خلال لجنة طبية مختصة تُشكّل بقرار من وزير الصحة أو وفق النظام المعمول به. هذه اللجنة تقوم بمراجعة التقرير الأول، وقد تطلب فحوصات إضافية أو عرض المصاب على أطباء آخرين.

سادسًا: ماذا عن المسؤولية عند إصدار تقارير طبية كاذبة؟

في حال ثبوت أن التقرير الطبي غير صحيح أو يتضمن معلومات مزورة، فإن المسؤولية لا تقع فقط على الجهة التي استفادت من التقرير، بل على الطبيب الذي أصدره أيضًا. وقد يواجه الطبيب في هذه الحالة:

• مسؤولية جزائية: مثل الحبس أو الغرامة.

• مسؤولية مدنية: تعويض المتضرر من التقرير.

• مساءلة تأديبية: من قبل وزارة الصحة أو نقابة الأطباء.

لذلك فإن الدقة والحياد في إعداد التقرير ليست فقط واجبًا مهنيًا، بل حماية قانونية للطبيب والمؤسسة الطبية معًا.

خلاصة

التقارير الطبية للمحكمة تلعب دورًا حيويًا في تحديد مسار العدالة، خاصة في القضايا التي يكون فيها الدليل الطبي هو العنصر الحاسم. ولضمان نزاهة الإجراءات، تُشدد الجهات المختصة في السعودية على تنظيم عملية إصدار هذه التقارير، وتدقيقها، واعتمادها فقط من قبل الأطباء المخولين.

سواء كنت طبيبًا، أو مصابًا في قضية منظورة أمام المحكمة، فإن فهم آلية عمل تقارير طبية للمحكمة يساعدك على اتخاذ قرارات صحيحة، ويحمي حقوقك القانونية والصحية.